المراهقة بين مد وجزر

من أجمل ما قيل في وصف مرحلة المراهقة


" إنها موجة قاع وجودية " تقلب الحياة معها حاملة تجارب المرة الأولى التي يتردد صداها عميقا في الوجود الصميمي للفرد تبدأ داخل الانسان و تعم آثارها كيانه كاملا و لا تقتصر على الداخل 

تبدأ هذه المرحلة من سن 12 و 13 عام و تنتهي في 18إلى 20 عام و سن المراهقة و مدتها تختلف وفق الأعراف و الجنس و الشروط الجغرافية و الأوساط الاجتماعية فتكون أطولا على سبيل المثال في الأسر الميسورة الذين يتابعون دراستهم مقارنة بالأولاد الذين يرغمون على العمل باكرا 

و تقول مارغريت ميد باحثة في الانتروبولوجية أنه لا وجود للمراهقة في المجتمعات البدائية فالفتيان البالغين يخضعون لطقوس المساواة التي تجعلهم ينتقلون مباشرة إلى عالم الراشدين حيث يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها الاكبر منهم سنا 
و أما المراهقة في حضارتنا فهي أكثر اتساعا و تمج بكثير من التحولات في البنيو و الشكل يعيش فيها المراهق نوع من النرجسية حيث يشغله جسمه و يسعى لتجميله و تزيينه 
للفت الاتباه إلى رجولته أو أنوثتها و يبذل جهدا ليكون أصيلا في تصرفه و لغته و أفكاره و يبلغ الشكل الجديد لذكائه حدا يكون قادرا على صياغة المذاهب و النظريات و يضع المشكلات الفلسفية موضع التساؤل - كانقضاء الزمان وبحث في الفن و الاخلاق و غيرها.
و تعد المراهقة مرحلة اكتشاف وجداني و كذلك مرحلة رفقة بامتياز حيث تتميز بالصميمية و الإخلاص و ينتظر المراهق من الصداقة أن تعطيه أكبر ما يمكن بوصفها مثالية. 

و قد يشكل المراهقون جماعة اجتماعية جراء أريحية عواطفهم و شدتها جماعة دينامية غنية بالنشاط و الحيوية ما يغري رجال الدولة بمحاولة استمالتهم لصفهم عن طريق غوايتهم و تعبئتهم كما هو الحال عند هتلر الذي منحهم مكانا مفضلا في الاشتراكية الوطنية. 

فالرغبة في المطلق لدى المراهقين تقودهم إلى التمرد الذي ليس في الغالب سوى تعبير عن نفاذ صبرهم أمام مقاومة الراشدين للتغيير الضروري و ثمرة سخطهم أمام التأجيل و التبعية للماضي. 

اذا المراهقة هي الفترة الزمنية التي تتنامى فيها الطاقات و يكتشف فيها المراهق نفسه أنه قوي و يعتقد أن بوسعه تغير العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق